المساجد التاريخية

مسجد وضريح "أبي الفضل الوزيري".. أيقونة روحانية في قلب المحلة

مسجد ابي الفضل ايقونه روحانيه

كتب: احمد راضي

مسجد ابي الفضل ايقونه روحانيه في قلب مدينة المحلة الكبرى، وبين أزقتها العتيقة، يقف مسجد وضريح “أبي الفضل الوزيري” شاهدًا على قرون من الروحانية والتاريخ. هذا المسجد، الذي شهد أصوات المنشدين والمبتهلين والمقرئين، لا يزال يحتفظ بمكانته كمركز للاحتفالات الدينية والمناسبات الروحية، حيث يتوافد إليه الزوار خاصة في ليالي رمضان وليلة الإسراء والمعراج.

تاريخ المسجد ونشأته

مسجد ابو الفضل ايقونه روحانيه يعود تأسيس المسجد إلى القرن الثامن الهجري، حينما شيده محمد أبو الفضل الوزيري، نائب الأبروشية في ذلك الوقت، في منطقة سويقة النصارى، بجوار ضريح أبي عبدالله النفيس بن الأسعد فضائل، أحد أولياء الله الصالحين الذي عاش في العصر الأيوبي خلال حكم الملك الصالح نجم الدين أيوب. وتشير بعض الروايات إلى أن المسجد كان جزءًا من كنيسة مار جرجس قبل أن يصبح مسجدًا، وكان يقع آنذاك خارج حدود المدينة، حيث اتخذه الشيخ أبو الفضل مكانًا للعبادة والتأمل.

الضريح.. مزار روحي يحمل بصمة التاريخ

داخل المسجد، يحتضن أحد الأركان ضريح محمد أبو الفضل الوزيري، إلى جانب سيدي علي السياف والشيخ أحمد أبو رزقه، الذي بذل جهودًا كبيرة في تجديد المسجد. الضريح كان يعلوه قبة شبيهة بقباب الدولة الفاطمية، لكنها اندثرت مع الزمن، ولم يتبقَ منها سوى شاهد القبر المنقوش بخط نسخي بارز.

التطورات المعمارية للمسجد

مسجد ابو الفضل ايقونه روحانيه شهد هذا المسجد أبي الفضل الوزيري عدة مراحل من الترميم والتطوير، خاصة في العصر العثماني، حيث خضع لعملية تجديد كبرى عام 1278م على يد محمود الشعار. وفي النصف الثاني من القرن العشرين، قررت وزارة الأوقاف إزالة المبنى القديم بعد تعرضه للتصدع، وبُني مسجد جديد في نفس الموقع، مع توسيع مساحته بعد أن تبرع الأهالي بأجزاء من منازلهم المجاورة للمساهمة في هذا المشروع.

المسجد الجديد، رغم حداثته، لا يزال يحتفظ بالطابع المعماري التقليدي، حيث يتكون من تخطيط مربع الشكل مقسم إلى سبعة أروقة موازية لحائط القبلة، وسقف خشبي مزخرف بزخارف زيتية هندسية، بينما تزين وسط المسجد قبة تقوم على أربعة دعائم، يتخللها ثماني نوافذ زجاجية معشقة بألوان زاهية، تضفي على المكان طابعًا روحانيًا خاصًا.

منبر المنشدين وأصوات الابتهالات

لم يكن مسجد أبي الفضل الوزيري مجرد مكان للصلاة، بل أصبح منبرًا لأشهر المنشدين في مصر. ومن بين الأصوات التي ارتبطت به كان الشيخ سيد النقشبندي، الذي أضفى على ليالي رمضان والاحتفالات الدينية طابعًا مميزًا بإنشاداته وابتهالاته التي لا تزال حاضرة في وجدان المصريين. واليوم، لا تزال هذه التقاليد مستمرة، حيث يحيي المسجد لياليه بأصوات منشدين جدد، مثل القارئ أحمد الحسيني، والشيخ عبد الوهاب ندا، والقارئ محمد سمير، الذين يحملون شعلة الإنشاد الصوفي إلى الأجيال القادمة.

إرث روحي خالد

لا يزال مسجد وضريح أبي الفضل الوزيري علامة بارزة في المشهد الديني والتراثي لمدينة المحلة الكبرى، حيث يجمع بين العمارة الإسلامية والتقاليد الروحانية التي تمتد لقرون. وبين جدرانه، تتردد أصوات المديح والذكر، حاملة عبق الماضي في حاضرٍ لا يزال يحتفي بهذه النفحات الإيمانية العريقة.

حاول تعرف:على خطى الصحابة: مسجد ومقام سيدي عبد الله بن الحارثة في قلب المحلة الكبرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى