تقارير

قلعة الجندي.. حصن صلاح الدين الغامض في قلب سيناء

كتب : خالد محمد

حصن صلاح الدين في سيناء في قلب صحراء سيناء، على قمة جبل الجندي بارتفاع 2150 مترًا فوق سطح البحر، تقف قلعة الجندي كواحدة من أعظم القلاع التي شيدها القائد صلاح الدين الأيوبي عام 1183م. كانت القلعة جزءًا من منظومة دفاعية متكاملة تهدف إلى حماية طرق التجارة والحج بين مصر والشام، لكنها لم تكن مجرد حصن عسكري، بل كانت مركزًا للاتصال والتخطيط الحربي.

نظام دفاعي سابق لعصره

حصن صلاح الدين في سيناء على عكس الكثير من القلاع، لم تعتمد قلعة الجندي فقط على الأسوار العالية والبوابات المنيعة، بل كانت جزءًا من نظام إنذار مبكر متطور. فقد تم ربط القلعة بصريًا بقلاع أخرى مثل قلعة نويبع وقلعة العقبة، حيث كان يتم إشعال النيران أو إطلاق الدخان لنقل الرسائل بسرعة بين الحاميات المختلفة، وهو ما يمكن اعتباره أحد أقدم أنظمة الاتصالات العسكرية في العصور الوسطى.

السراديب والممرات السرية

من بين الأسرار غير المعروفة عن القلعة وجود ممرات وسراديب خفية تم نحتها داخل الجبل، مما يسمح للجنود بالتحرك بين أجزاء القلعة دون أن يلاحظ العدو. كما يُعتقد أن بعض هذه الممرات كانت تستخدم كطريق هروب في حال تعرض القلعة للحصار، وهو أمر نادر في القلاع الإسلامية في ذلك العصر.

هندسة معمارية ذكية

حصن صلاح الدين في سيناء لم تقتصر عبقرية بناء القلعة على الأسوار والتحصينات فقط، بل امتدت إلى نظام المياه الفريد. فقد تم تصميم آبار وخزانات مياه بطرق تحميها من التبخر والتلوث، مما يسمح للقلعة بالصمود لفترات طويلة دون الحاجة إلى إعادة الإمداد بالمياه. بعض هذه الخزانات كانت عميقة لدرجة أنها تصل إلى المياه الجوفية، ما منح القلعة ميزة استراتيجية إضافية.

مسجد بلا مئذنة.. لغز معماري

على الرغم من احتواء القلعة على مسجد صغير، فإن غياب المئذنة يعد من التفاصيل النادرة. يعتقد بعض المؤرخين أن هذا التصميم كان خيارًا أمنيًا لمنع الأعداء من استخدامها كنقطة مراقبة في حال سقوط القلعة.

نقوش وأسرار من عصور أقدم

لم تكن القلعة مجرد بناء عسكري، فقد كشفت الحفريات الأثرية عن نقوش عربية نادرة وأدوات حجرية وفخارية تعود إلى عصور سابقة، ما يشير إلى أن هذا الموقع ربما كان ذا أهمية تاريخية قبل أن يأمر صلاح الدين ببناء القلعة فوقه.

لماذا لم تُستخدم القلعة كثيرًا بعد صلاح الدين؟

رغم تحصينها القوي، لم تلعب قلعة الجندي دورًا عسكريًا بارزًا بعد وفاة صلاح الدين، حيث تحوّلت طرق التجارة والحروب، ما جعل القلعة معزولة إلى حد ما. وهذا ربما كان السبب في بقائها بحالة جيدة نسبيًا مقارنة بالقلاع الأخرى التي شهدت معارك عنيفة وتعرضت للدمار.

وجهة سياحية مهملة رغم أهميتها

اليوم، وعلى الرغم من قيمتها التاريخية والمعمارية، لا تحظى قلعة الجندي بشهرة كبيرة، ولا تزال مهملة من حيث الترويج السياحي مقارنة بالآثار الأخرى في مصر. ومع ذلك، فهي تظل شاهدًا على عبقرية التخطيط العسكري لصلاح الدين، وتحمل بين جدرانها الكثير من الأسرار التي تنتظر من يكشف عنها.

حاول تعرف : “مسجد ابن حجر العسقلاني”جوهرة مملوكية في قلب القاهرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى